ريال مدريد يحقق فوزًا عريضًا على الأراضي الباسكية…

– كما قلنا آنفًا، كان لخاميس رودريجيز فضلاً كبيرًا في الأداء الذي قدمه ريال مدريد وذلك بمشاركته جد الفاعلة في بناء الهجمات وخاصة في التحرك بين الخطوط، هذا عدا عن تسجيله للهدف الثالث بعد انضمامه للمهاجمين لحظة خروج بنزيما على الطرف الأيمن، ومساهمته في الهدف الرابع بتسديدة على القائم أرجعها أسينسيو للشباك. خاميس كان حاضرًا عندما احتاجه فريقه في النواحي الدفاعية أيضًا وخاصة مع بداية الشوط الثاني وقبل تغييره فشارك فيها بقتالية حينما أراد فريق إيبار الضغط على الميرينجي ما جعل اختراقهم من الوسط صعبًا جدًا.

– لقد تمتع ريال مدريد اليوم بمرونة عالية في اللعب، فقد طبع أداءه التنويع في نهج اللعب سواء باللاعبين الذين يصلون إلى المرمى أو بطريقة الوصول! فبالنسبة للاعبين الذين تجدهم داخل منطقة إيبار كنت تجد خاميس أحيانًا منضمًا إلى خط الهجوم بينما الذي يتراجع لإرسال التمريرة يكون أسينسيو أو لوكاس فاسكيز. وفي العديد من الأحيان تجد بنزيما هو من يميل إلى أحد الطرفين من أجل تفريغ المساحات وخلق الثغرات وإرسال العرضيات. هذا ليس أمرًا سهل التنفيذ فقد عجز الميرينجي عن فعله في العديد من المناسبات. أما من ناحية طريقة الاختراق فقد رأينا كيف كان الميرينجي يحاولون بطرق متنوعة ولعل شكل الأهداف يترجم ذلك، فالهدف الأول جاء بعرضية من الناحية اليسرى، والهدف الثاني جاء من كرة ثابتة، والثالث من عرضية بنزيما الذي خرج إلى الجهة اليمنى، بينما الرابع فكان من شبه هجوم مرتد بدأه الفرنسيّ وأنهاه أسينسيو. ريال مدريد حاول عبر العمق أيضًا بتمريرات بينية من خاميس ومن مودريتش ومن ثلاثي الهجوم كذلك وكانت ناجحة إلى حد بعيد على الرغم من عدم تسجيلهم بهذه الطريقة.

– لعل أكبر مكسب لريال مدريد يمكن ذكره اليوم -إضافة إلى دخول المباراة بتركيز عالٍ هذه المرة- هو نجاح نظام المداورة وإثبات أن كل لاعبي الفريق جاهزون لتأدية واجبهم حتى الاحتياطيين منهم. ريال مدريد دخل بـ 8 تغييرات، ثمانية لاعبين مختلفين عن التشكيلة التي شاركت يوم الأربعاء. من هذه التغييرات ما هو اضطراري كغياب رونالدو وبيل، ولكن منها ما هو اختياريّ كإجلاس إيسكو وكارباخال. غياب إيسكو لم يؤثر فقد أدى خاميس واجبه على أكمل وجه كما أن زيدان يفاضل بينهما أصلاً ولا أحد منهما يعتبر أساسيًا تمامًا، ولكن غياب كارباخال نعم كان مؤثرًا وهذا ما سنتطرق له في نقطة جائية. زيدان وبعد تسجيل أربعة أهداف أخرج أسلحته الثقيلة فلم يكن هناك داع لإجهادهم أكثر وربما إصابتهم، فخرج مودريتش وبنزيما وخاميس رودريجيز.– الحس الجماعي كان عاليًا في مباراة اليوم لدى لاعبي ريال مدريد، وهذا ما عزز التحركات الكثيرة لخط الهجوم وجعل فاعليتها أكبر بكثير، ولعل الهدف الرابع أصدق مثال، فبعد تمريرة بنزيما الطولية انطلق أسينسيو بالكرة في شبه انفراد مع جويل ولكنه فضل التمرير لزميله خاميس القادم من الناحية الأخرى، إلاّ أن القدر شاء أن تعود إليه الكرة ليسجلها بنفسه. لقطة تترجم الجماعية العالية للفريق.
– في الشوط الثاني قرر ريال مدريد ادّخار طاقته بعد تحقيق تلك النتيجة العريضة في الشوط الأول (3-0) فعندما كان يفقد الكرة كان ينتظر خصمه في نصف ملعبه. هذا تصرف حكيم في ظل توالي المباريات وازدياد صعوبتها. ولكن يحسب للفريق أنه كان صارمًا في الدفاع وخاصة في الضغط في وسط الميدان حينما كان يحب إيبار أن يتوغل وقد قام خاميس رودريجيز بدور مهم في هذا الباب إضافة لدور مودريتش وكاسيميرو ما جعل إيبار يعتمد على العرضيات فقط من بيدرو ليون ولونا وبعده أربيا بينما كان بينيا القصير يدخل منطقة الجزاء وهو الشيء الذي منح إيبار هدفه الأول بعد عرضية بيدرو ليون وخطأ غريب من بديل كارباخال دانيلو.

إيبار | ملعب صعب.. جمهور رائع.. ونجم يستحق الإشادة

– العودة بانتصار من ملعب إيبار ليس أمرًا سهلاً بتاتًا، فلم يتمكن من الفوز فيه إلا ثلاثة فرق قبل ريال مدريد وهي برشلونة وأتلتيكو مدريد وأوساسونا، وأما الباقون فقد عجزوا عن خطف النقاط الثلاث. إيبار حاليًا ينافس من أجل الظفر ببطاقة أوروبية، فهو ليس ذلك الفريق الذي يصارع على البقاء بل كوّن فريقًا جيدًا جعله ينسى ذلك الصراع المرير ويلتفت لأهداف أكبر. هذا يزيد من أهمية وقدر انتصار ريال مدريد في إيبّوروّا، كما أن الفريق مايزال ماضيًا قُــدُما في عدد المباريات المتتالية التي يسجل فيها والتي وصلت لـ 46 مباراة.

– لابد من الإشادة بلاعب إيبار بيدرو ليون الذي قدم مباراة كبيرة جدًا وأداءًا ربما يفسر اهتمام ريال مدريد ذات يوم به وتعاقد معه. لقد كان الأكثر نشاطًا في الملعب إضافة لبينيا وخاصة في الشوط الثاني إلاّ أن تفوق ريال مدريد الواضح في وسط الميدان وخاصة في الشوط الأول جعل الكرات التي كانت تصله قليلة جدًا ما جعله يختفي في النصف الأول من المباراة. بيدرو ليون خرج وسط تحية الجماهير التي كان يستحقها بعد أدائه وبعد التمريرات الدقيقة الكثيرة التي قام بها والعرضيات الخطيرة كتلك التي جاء منها هدف إيبار الوحيد.

– ولابد من الإشادة أيضًا بالجماهير اليوم، سواء جماهير إيبار أو جماهير ريال مدريد. فالأولى صفقت بحرارة لحظة خروج خصم فريقها لوكا مودريتش الذي قدم مباراة كبيرة دفاعيًا وهجوميًا أيضًا وهو تصرف ينم عن روح رياضية عالية. وأما جماهير ريال مدريد بعد أن رأت صمت جمهور إيبار في لحظة من اللحظات بسبب النتيجة جعلت تنشد “إيبار فريق من الدرجة الأولى” دعمًا لهم وفي إشارة إلى استمرار الفريق الباسكي في الليجا، وهو تصرف خلق جو صداقة بين الجمهورين على الرغم من النتيجة العريضة للميرينجي.

– ولكن ما يمكن أن نعيبه على ريال مدريد اليوم هو عدم التركيز الدفاعي من رباعي خط الدفاع تحديدًا وخاصة في بداية المباراة، فقد كانت لإيبار فرصة لافتتاح النتيجة لم يستغلها بينيا بالشكل المطلوب ولم يتصرف التصرف الصحيح وذلك لحظة انسلاله بين دانيلو وبيبي وسط سهوهما كليهما داخل منطقة الجزاء -في الدقيقة الثامنة- وكان هذا قبل هدف هدف بنزيما ما كان ربما ليقلب مسار المباراة كلها ولكنا ربما نتحدث الآن عن قعدة بداية المباراة مرة أخرى. مازال أمام زيدان بعض العمل من هذه الناحية.

– وعلى الرغم من أن كل لاعبي ريال مدريد قدموا مباراة رائعة اليوم إلا أننا شاهدنا بعض معاناة في الجهة اليمنى، أي في جهة دانيلو الذي كانت لديه فرصة كبيرة لإثبات جدارته اليوم في ظل تألق زملائه! غير أن أداء دانيلو الهجوميّ كان عاديًا جدًا إن لم نقل باهتًا. كما أن أحد عيوبه الدفاعية يكمن في أنه كثيرًا ما يتابع الكرة من دون الالتفات لما حوله ووضعية اللاعبين -خصومًا وزملاء- ما يمنعه من التقدير السليم كما حدث في لقطة هدف إيبار حيث أراد تشتيت الكرة بتلك الطريقة الأكروباتية من دون أن يلتفت إلى أن بينيا قادم بقوة باتجاه الكرة. ولابد لنا من القول إن دانيلو احتاج اليوم لمساعدة كبيرة من لاعبي الوسط وخاصة مودريتش الذي بذل مجهودًا جبارًا في التغطية على الجهة اليمنى ما جعل جماهير الخصم نفسها تصفق له.